في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة، يبرز بعض الأفراد الذين لا يكتفون بمواكبة التقدم، بل يسهمون في صناعته وتوجيهه نحو مستقبل أكثر ذكاءً وكفاءة. من بين هؤلاء يأتي اسم مساعد العصيمي، المهندس البرمجي السعودي الذي استطاع أن يحوّل شغفه المبكر بعالم البرمجة والتقنية إلى مشروع رقمي ملهم يجمع بين الخبرة، الإبداع، وروح المشاركة المجتمعية.
قصة مساعد تبدأ من مقاعد الدراسة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، حيث اختار دراسة هندسة البرمجيات بدافع حب الاستكشاف والتعمق في أنظمة الحوسبة والتطوير. لم تكن البرمجة بالنسبة له مجرد مادة دراسية أو مهارة وظيفية، بل كانت فضاءً واسعًا للتعبير عن الأفكار، حل المشكلات، وابتكار حلول تكنولوجية ذات أثر ملموس. هذا الشغف دفعه إلى خوض تجارب متعددة، سواء من خلال المشاريع الجامعية أو المبادرات الشخصية، ليثبت أن التعلم لا يقتصر على قاعات المحاضرات، بل ينمو مع التجربة العملية والاكتشاف المستمر.
ما يميز مسيرة مساعد العصيمي هو أنه لم يتوقف عند حدود الدراسة، بل نقل شغفه إلى مستوى احترافي بعد انضمامه إلى شركة أرامكو السعودية. في هذا الصرح الصناعي العملاق، وجد مساعد البيئة المناسبة لصقل مهاراته وتوسيع دائرة خبراته، حيث عمل على تطوير أنظمة برمجية متقدمة تساهم في دعم التحول الرقمي داخل الشركة. كان عمله يتركز على بناء حلول تقنية تدمج بين البيانات الضخمة، الأتمتة، والذكاء الاصطناعي، وهو ما سمح له برؤية كيف يمكن للتقنية أن تغير واقع القطاعات الصناعية بشكل فعّال وذكي.
لكن ما يجعل مشروع مساعد العصيمي ملهماً بحق ليس فقط نجاحه المهني داخل مؤسسة كبرى، بل اختياره بأن يشارك هذه الرحلة مع الآخرين عبر منصته الرقمية. من خلال موقعه الإلكتروني، يقدّم مساعد نافذة مفتوحة لكل من يرغب في التعلم، التطوير، أو حتى مجرد الاطلاع على تجاربه كمبرمج ومهندس برمجيات. يحتوي الموقع على تفاصيل غنية عن مشاريعه التقنية، مجموعة read this من المقالات التخصصية، وتأملات شخصية في عالم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة. هو لا يقدم محتوى نظريًا فحسب، بل يربط المعرفة بالممارسة، ويوجه نصائحه بناءً على التجربة الواقعية داخل ميدان العمل.
في مقالاته، يطرح مساعد قضايا متعددة تهم كل من يعمل أو يرغب بالعمل في مجال التقنية، مثل أهمية التفكير المنطقي، دور الذكاء الاصطناعي في المستقبل، وتحديات التطوير في بيئات الإنتاج الكبيرة. كما يتناول تجاربه مع أدوات وتقنيات مثل React وPython وDocker، ويشرح كيف يمكن للمهندس البرمجي أن يوازن بين الجانب الفني والإبداعي في عمله. كل هذه الموضوعات تُعرض بلغة سلسة وعربية واثقة، تعكس قدرة مساعد على إيصال المعرفة بأسلوب يستوعبه الجميع مهما اختلفت خلفياتهم.
المشروع الذي بدأ بشغف ذاتي، تحول اليوم إلى مصدر إلهام للعديد من الشباب الذين يرون في مساعد نموذجًا للمهندس العصري: مبدع، متطور، ومؤمن بأهمية مشاركة المعرفة. هو يمثل جيلًا جديدًا من السعوديين الذين يضعون التقنية في صلب اهتماماتهم، ويرون في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي فرصة للنهوض المجتمعي والاقتصادي، وليس فقط للتطور المهني الشخصي.
في ظل التحديات التقنية المتزايدة، يظهر واضحًا أن مستقبل البرمجة في المملكة يمر عبر تجارب مثل تجربة مساعد العصيمي. هو لا يطمح فقط إلى أن يكون خبيرًا تقنيًا، بل يسعى لأن يكون جزءًا من بناء مجتمع معرفي تقني متكامل يساهم في تعزيز مكانة المملكة في الاقتصاد الرقمي العالمي. إن تمكين الشباب ومشاركتهم المعرفة، كما يفعل مساعد، يعد من أعمدة رؤية التي تسعى إلى خلق مجتمع معرفي ديناميكي يشارك فيه الأفراد بفعالية في بناء المستقبل.
باختصار، قصة مساعد العصيمي تلخص كيف يمكن لشغف صادق بالبرمجة أن يتحول إلى مشروع متميز له تأثير حقيقي على المجتمع. من الجامعة إلى أرامكو، ومن كتابة الأكواد إلى كتابة المقالات، ومن العمل الفردي إلى العمل المجتمعي، يواصل مساعد رحلته بكل طموح وثقة. هو اليوم ليس فقط مبرمجًا أو مهندسًا ناجحًا، بل هو قدوة حقيقية لكل من يؤمن بأن التقنية يمكن أن تكون وسيلة للتغيير، والإلهام، وبناء واقع أفضل.